العهد: محمد الحسيني
الذكرى السنوية الأولى لعروج سيد شهـ..ـداء الأمّة الســ.ـيـ.ـد حسن نـ.صـ.ر الـلـ.ـه وصفيّه الســ.ـيـ.ـد هاشم صفي الدين في 27 أيلول/سبتمبر 2025 شكّلت استفتاءً شعبيًا ثانيًا بعد الاستفتاء الأول قبل عام حيث اقترع فيه أبناء المـ.ـقاومة وبيئتها والمحبّون والمؤمنون بلبنان الســ.ـيـ.ـد الحرّ المستقلّ حين شيّعوا الســ.ـيـ.ـدين الشهـ..ـيدين.. بحر الشرفاء الذي ازدحمت به الأماكن المقرّرة لإحياء المناسبة في الضاحية والجنوب والبقاع جدّد اقتراعه بالقبضات والأصابع لخيار المـ.ـقاومة اقتداءً بأصبع الســ.ـيـ.ـد الذي كلّما رفعه في خطاباته اهتزّت له أروقة القرار السياسي والعسـ.ـكر ي في كيان الـعـ.دو، حتّى أضحى واحدًا من إشارات العزّة ورمزًا يحمل معه الكثير من الدلالات والرسائل.
الســ.ـيـ.ـد نـ.صـ.ر الـلـ.ـه محور المحور
لم يأتِ الاستفتاء لبنانيًا صرفًا بل شاركت به عواصم دول المحور وقلوب الشعب الفلسـ.ـطيني الصامد في قطـ.ـاع غزّة والضفّة الغربية، وكان الســ.ـيـ.ـد ورفاقه من الشهـ..ـداء القادة والمـ..ـجاهــدين حاضرين في وجدان أهل المـ.ـقاومة في إيران والعراق واليمن وتونس والجزائر، وحيث تواجد النبض المـ.ـقاوم في قلوب الذين عشقوا الســ.ـيـ.ـد الشهـ..ـيد بشخصه وصفاته وصوته الهادر وقيادته الرائدة في زمن التخاذل والاستسلام والرضوخ، وتماهوا مع مواقفه وشعاراته وكلماته التي لطالما صدحت في آذان من أحبوه ومن تخاصموا معه على حد سواء.
"لقد كان نـ.صـ.ر الـلـ.ـه جيشًا كاملًا.. وكان محور المحور".. ليس هذا وصف محبّ بل وصف بنيامين نتنياهو أعتى عـ..ـدوّ يهدّد فلسـ.ـطين ولبنان والمنطقة برمّتها، وأكبر إرهــ.ـابي تواجهه المـ.ـقاومة لتسقط أحلامه في تنفيذ مشروع "إسـ..ـرائيل الكبرى" الكارثي الذي لا يستثني أحدًا أو دولة من شروره، حليفًا كان أم صديقًا أم مطبّعًا أم تربطه به "اتفاقات سلام"، "والحق ما شهدت به الأعداء".. هكذا حفر الســ.ـيـ.ـد الشهـ..ـيد اسمه في سجل عظماء التاريخ ممّن تركوا بصماتهم المؤثرة في سياق التحوّلات المصيرية، وشكّلوا بحد ذاتهم منعطفًا محوريًا أسهم في تغيير المعادلات وصوّب المسارات المُسقَطة قهرًا على الأنظمة والشعوب، وأسّس على ما سبق في مسيرة المـ.ـقاومة ليعملق الفعل والأثر ويستعيد عصر الانـتــ.ــصـار ويهزم "إسـ..ـرائيل" ومحور الشر الأميركي، ويأخذ بلبنان إلى مصاف الدول الفاعلة في النظام العالمي من منطلق القوّة وليس الضعف.
لبنان والمنطقة في قلب العاصفة
لم تكن فعاليات السنوية الأولى لاسـ.ـتشـهـ.ــاد الســ.ـيـ.ـدين نـ.صـ.ر الـلـ.ـه وصفي الدين وقادة المـ.ـقاومة مجرد فعل احتفالي في محطة عاطفية، فقد جاءت في خضمّ تحدّيات كبرى ما تزال تعصف بلبنان والمنطقة، فحكومة الاحتـ ـلال برئاسة نتنياهو، والتي تحظى بأعلى مستوى الدعم الأميركي منذ الإعلان عن الـ..ـكــ..ــيــان الصهيـ.ـوني في ظل حكم دونالد ترامب، يواصل ارتكاباته الإجرامية بحق الشعب الفلسـ.ـطيني في قطـ.ـاع غزّة ويهدّد بتهجير الفلسـ.ـطينيين في الضفّة الغربية للقضاء على أي أمل في إنشاء دولة فلسـ.ـطينية حتّى لو كانت على شكل مسخ كما يريدها محمود عباس وسلطته الهجينة، كما يطبق على سورية سياسيًا وعسـ.ـكر يًا وميدانيًا بموقعها الجيوستراتيجي البالغ الأهمية في ظل تهـ..ـديدات حقيقية بذهاب البلد إلى التقسيم الجغرافي والعرقي نتيجة التجاذبات الإقليمية والدولية، دون أن نغفل التهـ..ـديدات المباشرة التي يطلقها حلف ترامب - نتنياهو بحق إيران والعراق واليمن والتي لم توفر الدول العربية الخليجية والتي كان آخرها الـعـ.دوان على الدوحة.
بيئة المـ.ـقاومة الوعي الكامل
أما لبنان، فعلى الرغم ممّا أسفرت عنه الحر ب التدمـ..ـيرية الشاملة من خسائر فادحة في البشر والحجر في أيلول 2024، واستمراره في حــ..ـــرب الاستنزاف البشري والمادي للمـ.ـقاومة وبيئتها على امتداد الجغرافية اللبنانية، إلا أنه ما يزال يشكّل حجر الرحى في ساحة التطوّرات الراهنة والقادمة، ولم تسفر الضغوطات السياسية الأميركية الحيوانية من قبل مبعوثي ترامب الوقحين في إحداث التحوّل الجذري الذي تطمح إليه "إسـ..ـرائيل" بنزع سـلـاح المـ.ـقاومة من خلال قرار حكومي لبناني أرعن، ولم تفلح الاستـ..ـهدافات "الإسـ..ـرائيلية" المستمرة لكوادر المـ.ـقاومة ولا الاعتـ.ـداءات اليومية بحق بيئتها وأهلها في الجنوب في إضعاف المـ.ـقاومة وبيئتها، كما لم تنجح الحملات الداخلية المــ.ــوتورة المدارة من قبل "غرفة عوكر" والتي تنفّذها جماعات السفارات في إثارة الغبار أو زعزعة الاعتقاد بصوابية خيار المـ.ـقاومة سبيلًا أوحد لاستعادة استقلال لبنان وسيادته، بل أسهم كلّ ذلك في زيادة الوعي لدى المـ.ـقاومة وبيئتها واتضاح الصورة المركّبة للبنان وتشكيلاته السياسية بتفاصيلها الناصعة دون لبس.
رسائل المـ.ـقاومة للداخل والخارج
أما على مستوى المـ.ـقاومة فقد جدّد بحر المحبّين بيعته لها وللأمين العام سماحة الشـ.ـيخ نـ.ـعيم قــ..ــاسم، وأكّد الثبات على العهـ.د خلف قيادته بعدما أثبتت تطوّرات العام الذي مضى حكمة هذه الـ.ـقـيـ.ـا دة وعمق توجهاتها الوطنية الراسخة في مقابل تهافت الآخرين على تقديم فروض الطاعة للمستعمر الأميركي، وأظهر وفاء بيئة المـ.ـقاومة
وخصوصًا جمهور الثنائي الوطني قوة التلاحم بين الـ.ـقـيـ.ـا دة والقا عدة، واستعداد هذا الشعب الوفي للمضي قدمًا في مـ..ـواجهة التحديات الداخلية والخارجية مهما كثرت وعظمت وفي أي مجال كان.
في المقابل أطلق حـ.ـزب الله والمـ.ـقاومة من خلال هذا الاستفتاء جملة من الرسائل، أهمها:
- استيعاب الصدمة المتأتية عن اسـ.ـتشـهـ.ــاد الســ.ـيـ.ـدين وثلة من قادة المـ.ـقاومة ومـ..ـجاهــديها وإتمام عــ..ــمـليات الترميم والبناء وصولًا إلى إعادة التموضع في شتّى المستويات التنظيمية والعسـ.ـكر ية.
- الاستفادة من الدروس التي أفرزتها الحر ب واستخلاص العبر باتّجاه تدعيم البنية الداخلية للحـ.ـزب والمـ.ـقاومة وفق منظومة جديدة تأخذ بالحسبان المرونة والحسم في آن واحد.
- التأكيد على المـ.ـقاومة خيارًا إستراتيجيًا لا تنازل عنه وجهوزيتها لمـ..ـواجهة التهـ..ـديدات والأخطار المحدقة به، مع ما يقتضيه ذلك من الحفاظ على السـلـاح كأداة ضرورية لتحقيق هـ.ـدف حماية لبنان.
- الانطلاق إلى مرحلة متقدّمة في سياق تحصين النظام السياسي في لبنان ونسج علاقاته مع محيطه العربي والإسـ.ـلا مي ويؤدي حـ.ـزب الله في ذلك دورًا محوريًا لتحقيق الاستقرار الداخلي، وهذا ما عبّر عنه سماحة الشيخ قاسم في دعوته المملكة العربية السعودية إلى فتح صفحة جديدة مع المـ.ـقاومة.
- الدفع باتّجاه إخراج المـ.ـقاومة من بازار التجاذبات السياسية الداخلية، والتصويب على "إسـ..ـرائيل" كونها الـعـ.دوّ الحقيقي الذي يستهـ.ـدف استقرار لبنان ولا يخفي نواياه التوسعية في احتـ ـلاله وضمّه إلى كيانه.
- تكريس المـ.ـقاومة لدورها الرافد للجيش اللبناني وتقديم كلّ أنواع الدعم لتمكينه من القيام بدوره في حماية لبنان على أكمل وجه وعلى كامل الأراضي اللبنانية.
- الحفاظ على السلم الأهلي الذي يدفع البعض في الداخل إلى تخريبه وفق أجندة أميركية - "إسـ..ـرائيلية"، ودعوة الأفرقاء كافة للعودة إلى الخيار الوطني، بما يفترضه هذا الأمر من عقد حوار داخلي بمعزل عن الوصاية الخارجية الجامع التي تتربّص شرًا بلبنان لصالح "إسـ..ـرائيل".
الاستفتاء الثاني
راهنت الإدارة الأميركية و"إسـ..ـرائيل" على أن أسلوب تزخيم الضغوط السياسية والاقتصادية من خلال إطباق الحــ..ــصـار على لبنان، وأن سياسة "قطع الأنفاس" من خلال إدامة الاعتـ.ـداءات وإبقاء الناس في حالة انعدام الأمن، من شأنه أن يضعف المـ.ـقاومة وبنيتها ويدفع بيئتها باتّجاه التفتيش عن خيارات أخرى لضمان المعيشة والراحة والاستقرار، إلا أن العقل الميليشاوي الذي يسكن عقل أصحاب القرار في واشنطن و"تل أبيب" لم يصل حتّى الآن إلى فهم تركيبة عقل المـ.ـقاومة وقيادتها وبيئتها وجمهورها في لبنان، وقد يكون هذا المعطى طبيعيًا إذا ما نظرنا إلى تناقض منظومة القيم بين العقلين وفي مقدمتها العزّة والكرامة، ومن هنا جاء خطاب سيد شهـ..ـداء الأمّة لأمّة المـ.ـقاومة: يا أشرف الناس وأكرم الناس وأطهر الناس.. وترجم هؤلاء الناس كينونتهم الحقيقية في سنوية الســ.ـيـ.ـدين الشهـ..ـيدين لإعلاء الموقف وتجديد البيعة للمـ.ـقاومة التي هي قدرهم كما هي قدر لبنان وخياره.